مؤسسة الشيخ عبد الله بن جبرين -رحمه الله- لم تكن وليدة يومها، ولا فكرة عامها، بل هي رصيد واقعي رسمته تجارب الشيخ -رحمه الله-.
بذل لله نفسه، وأوقف وقته، وجاد بجاهه وجهده لخدمة المسلمين، وطلاب العلم منهم بخاصة؛ فمنذ أكثر من ستين عاماً طلَّق الشيخ -رحمه الله- الدنيا، فكان يدرِّس، ويعظ، ويحاضر، ويخطب، وينصح، ويناصح، ويشفع، وينفع، لم يكن هدفه أن يكوّن عملاً، ولا أن يصنع تاريخاً، لكن الله وفقه وسدده، ولعل ذلك لحسن نيته وقوة عزيمته.
تقاعد أم انطلاق؟ تقاعد الشيخ -رحمه الله- في عام 1418هـ، وكان التقاعد فرصة للراحة، لكن راحته كانت في العطاء، انطلق الشيخ بعد تقاعده من مكتبه إلى المساجد، ومن مدينته إلى أصقاع البلاد، ومن الإقليمية إلى العالمية.
تفرغ الشيخ لخدمة الناس، فكان يستقبلهم يومياً -بعد صلاة العصر- حتى يضيق بهم المكان.
ساعده أبناؤه وتلاميذه في إنشاء مكتب صغير في منزله لتنظيم العمل، فجمعت الفتاوى، ورتبت المساعدات، ونظمت الشفاعات، وتوسع الشيخ -رحمه الله- في الدروس والمحاضرات والدورات، حتى بلغ متوسط الدروس خمسة عشر درساً أسبوعياً، وتصل في الإجازات إلى أربعين درساً.
توسع العمل، فتم تفريغ دور كامل من بيت الشيخ -رحمه الله- ليكون مقراً للمكتب، وتجهيزه، وتعيين موظفين لمتابعة الأعمال.
وافتتح الموقع الرسمي للشيخ -رحمه الله- على الانترنت في عام 1421هـ، وكان من أوائل المواقع العلمية للمشايخ، وقد حوى خمس عشرة ألف صفحة نصية، وخمسمائة ساعة صوتية.
ثم افتتح سكن لطلاب الشيخ المغتربين. وأنشئ معمل للصوتيات، يقوم بجمع وتصنيف تراث الشيخ المسجل وإخراجه. وتولى الإنفاق على كل ذلك بعض محبي الشيخ. واستمرت جهود المكتب في خدمة الشيخ -رحمه الله- إلى أن توفي -غفر الله له- في يوم الاثنين 20 / 7 / 1430هـ، تاركاً خلفه العلم الكثير، وبرزت الحاجة إلى عمل مؤسسي، فكانت مؤسسة ابن جبرين الخيرية التي تهدف إلى العناية بتراثه؛ لجمعه، وتوثيقه، وإخراجه للمسلمين، بمختلف الوسائل، ومن ذلك: الكتب المطبوعة، والأشرطة المسموعة والمرئية، ومواقع الانترنت، ووسائل النشر والإعلام المختلفة.